زيادة في تدفقات الهجرة على جزيرة كريت اليونانية

ازدادت تدفقات الهجرة إلى سواحل جنوب كريت، بنسبة 350%، حسبما نقلت وسائل إعلام محلية وفقا للبيانات التي قدمها رئيس جمعية أفراد خفر السواحل في الجزيرة اليونانية. وعلى أثر هذا التدفق الذي يفوق قدرة الجزيرة حيث لا يتواجد منظمات إغاثة، يوضع المهاجرون في مركز مؤقت يبقون فيه بضعة أيام بظروف سيئة ريثما ينقلون إلى مخيمات الاستقبال الأساسية في البر اليوناني.

نقلت صحف يونانية محلية بأن قضية الهجرة تتخذ أبعادا لا يمكن السيطرة عليها على الساحل الجنوبي لجزيرة كريت، حيث زادت التدفقات خلال عام واحد بنسبة 350٪ على سواحلها الجنوبية، وذلك وفقا للبيانات التي قدمها رئيس جمعية أفراد خفر السواحل في غرب كريت، فاسيليس كاتسيكانداراكيس، في 12 أيار/مايو.

وبحسب بيانات سلطات ميناء كريت، فإن المنطقة استقبلت حتى منتصف أيار/مايو هذا العام ما يقرب من 3000 لاجئ ومهاجر. وفي بداية أيار/مايو وصل نحو 550 مهاجر في 10 عمليات إنزال في غضون ثلاثة أيام، ويومي 23 و24 أيار/مايو، أنقذت قوات خفر السواحل أكثر من 500 مهاجر، غالبيتهم من الرجال وبينهم بعض القاصرين.

وأشار كاتسيكانداراكيس أيضا إلى أن جزيرتي كريت وغافدوس أصبحتا البوابة الأولى للمهاجرين في اليونان، في حين سجلت بقية أنحاء البلاد انخفاضا بنحو 40% في أعداد اللاجئين والمهاجرين الوافدين.

ونقل المسؤولون في الجزيرة أيضا الضغوط التي يتعرضون لها جراء التدفق الأخير، وذلك في معرض زيارة وزير الهجرة واللجوء ماكيس فوريديس إليها حيث أدلى بتصريحات من هيراكليون، بعد لقائه حاكمها ومسؤولين آخرين، “بهدف إيجاد مساحة مغلقة واحتجاز مؤقت للتسجيل الأول للمهاجرين” الذي يجري في هيراكليون.

وكتب الوزير بعد اجتماعه بالمسؤولين المحليين على حسابه على إكس إن “الحكومة لا تتعامل بشكل سلبي مع قضية زيادة التدفقات إلى جزيرة كريت. إن انخفاض التدفقات من جزر بحر إيجة بسبب تعزيز قدراتنا الرادعة يدفع المهربين إلى البحث عن منافذ أخرى“.

كما نقل الوزير توجه الحكومة بزيارة ليبيا في أقرب وقت وكتب أيضا “سنتوجه فورا إلى ليبيا برفقة وزير الخارجية، من أجل دراسة شروط الاتفاق الذي يسمح لنا بردع التدفقات والسيطرة عليها منذ بدايتها“.

وتحدث حاكم إقليم كريت ستافروس أرناوتاكيس عن مشكلة كبيرة في ضوء الموسم السياحي، وقال “أعتقد أنه في فترة قصيرة من الزمن، ستصل الوزارة إلى الموقع الذي سيتم فيه هذا الاحتجاز المؤقت“.

ووصف رئيس جمعية أفراد خفر السواحل في غرب كريت كيف تدار الأزمة بدقة، وقال تبدأ الحادثة على بُعد أميال قليلة جنوب غافدوس. ومن هناك، تُنفَّذ عملية نقل المهاجرين بالقوارب، إلى الموانئ الجنوبية: باليوخورا، وأجيا غاليني، وسفاكيا، ومن هناك إلى خانيا، للإقامة لمدة يومين أو ثلاثة أيام مع جميع الإجراءات المقررة (استجوابات وفحوصات طبية لمن يحتاج إليها).”

وأعرب أيضا عن قلقه من أن طواقم خفر السواحل تعمل بطاقتها القسوى وهناك خشية على صحة العاملين، وطالب بتعزيز الكوادر وبأن المتاح حاليا من إمكانات لإدارة هذه التدفقات غير كاف، وقال “نريد دعما عمليا من المسؤولين“.

صالة معارض سابقة في “خانيا” بجوار سجن المدينة.. مركز احتجاز مؤقت بظروف سيئة

وزار “المركز الاجتماعي – مركز المهاجرين في خانيامركز المعارض السابق في منطقة أجيا في مدينة خانيا، حيث يقيم المهاجرون بعد إنزالهم ليومين أو ثلاثة. وكانت الزيارة في 29 نيسان/أبريل 2025 بعد ساعات من مناقشة إدارة قضية الهجرة في مجلس بلدية المدينة. وكان المكان يستضيف حوالي 100 شخص، من بينهم امرأتان و10 قاصرين غير مصحوبين بذويهم، معظمهم من مصر وبنغلادش وباكستان والسودان.

وفي نهاية الزيارة، أعد المركز تقريرا ندد فيه “بظروف الإقامة غير المقبولة والخطيرة على صحة الناس”. وندد أيضا بكتابة أرقام على أيدي المهاجرين لتحديد هوياتهم ووصف ذلك بأنه “عنصري للغاية” وأن هؤلاء “ليسوا أرقاما، بل هم بشر”.

كما أدان القبض على بعض الوافدين بتهمة الإتجار بالبشر مشيرا إلى شهادات تفيد بأنهم أجبروا على القيادة تحت التهديد “مع وجود مسدسات موجهة إلى رؤوسهم من قبل المتاجرين في لبيبا، فمن يصدق أن المهربين الحقيقيين موجودون داخل القوارب المهترئة التي يسافر بها هؤلاء الناس؟”. واختتم التقرير بالمطالبة “باحترام جميع الناس، بغض النظر عن العرق أو الجنسية أو وضع الإقامة“.

وحول الظروف في هذا المكان، تواصل مهاجرنيوز مع كريستينا جياناري، الناشطة في المركز الاجتماعي – مركز المهاجرين في خانيا”، والذي يعرف بأنه ناد مستقل لا يتلقى أي أموال من الدولة أو من الاتحاد الأوروبي، والتي قالت بشأنه “هي مساحة ضخمة، بدون البنية التحتية اللازمة، لا مراحيض، وفيه صنبور صغير من دون مكان للاستحمام، هناك مراحيض كيميائية أخبرني الناس أنفسهم أنهم شعروا بالاشمئزاز منها لأنها كانت قذرة للغاية، لا يوجد صابون، ينامون على الأرض على سجاد متسخ، ويتغطون ببطانيات رقيقة وقذرة وقديمة بها ثقوب. الوضع هناك بائس“.

وحول الرعاية الطبية، تقول جياناري “في الأشهر الأخيرة، بدأ الصليب الأحمر بزيارة المكان. ومن المفترض أن يتم فحصهم (المهاجرين) من قبل الأطباء، ولكن ليس لدينا فكرة واضحة حقا حول هذه المسألة. ليس لدينا أي منظمات غير حكومية هنا في كريت. كنا نأمل أن تفتح منظمة أطباء بلا حدود مكاتب هنا، ولكن بعد الاتصال بهم، أخبرونا أن هذا غير ممكن في الوقت الحالي“.

وعن إسهام الناشطة في قضايا الهجرة منذ 10 سنوات والتي تقدم المساعدة بمستويات عدة منها الاستشارة القانونية، هي و”مركز المهاجرينتقول جياناري إنه “يتم توفير الضروريات الأساسية مثل الملابس والأحذية والملابس الداخلية والجوارب… وتوزيع بعض الأوراق التي تعلمهم بحقوقهم“.

لم يتوقف وصول المهاجرين خلال فصل الشتاء أيضا

وتضيف عندما أذهب إلى هناك، أبلغهم ببعض الأمور التي تهم حقوقهم، وأسجل الأطفال القاصرين وأجمع معلوماتهم حتى نتمكن بعد ذلك من الاتصال بشخص من منظمة غير حكومية وبدء الإجراءات حتى لا يذهب القاصرون إلى المخيمات. الأمر نفسه بالنسبة للنساء والأشخاص الضعفاء عموما”، وتشير إلى أن عملها يبدأ عندما يغادر المهاجرون جزيرة كريت إلى مخيمات أخرى مثل “أميكداليزا” و”مالاكاساشمال العاصمة أثينا، أو ديافاتا في تسالونيك، حيث ترشدهم بشأن طلبات اللجوء والعناية الطبية و”الضغط” من أجل توفير الخدمات الطبية.

وتؤكد الناشطة أنه “في كريت، لم يتوقف وصول المهاجرين خلال فصل الشتاء أيضا. بل على العكس، كان لدينا عدد كبير من القوارب”. وتضيف “لقد رأينا الكثير على مر السنين. أشخاص مصابون بالجرب، وأقدامهم مليئة بالقروح، ودائما ما يكونون حفاة”. و”جنسيات المهاجرين الأكثر وصولا هي البنغالية والسودانية والباكستانية والمصرية والسورية“.

وكان “المركز الاجتماعي – مركز المهاجرين في خانيا” قد قدم شكاوى علنية ضد بلدية المدينة بشأن الظروف المعيشية للمهاجرين في صالة المعارض السابقة في أجيا في 28 نيسان/أبريل الماضي، خلال اجتماع خاص مع مسؤولين في البلدية. كما تم توجيه انتقاد كلفة 150 ألف يورو المتعلقة بتوفير الطعام واستئجار مراحيض كيميائية وملابس وأحذية للمهاجرين، بأنها تنفق “لإثراء سهل لمجموعة من المقاولين تفضلهم البلدية“.

وتواصل مهاجرنيوز مع المكتب الصحفي لوزارة الهجرة واللجوء اليونانية للتعليق بشأن أوضاع المهاجرين في المركز المؤقت في صالة المعارض السابقة في “خانيا، وكان الرد أنه “لا يوجد مركز إيواء تابع لوزارة اللجوء والهجرة في جزيرة كريت” وأنه “لا علاقة للوزارة بظروف معيشة المهاجرين في أجيا، خانيا“. بالمقابل، حدت السلطات المسؤولية بخفر السواحل اليوناني، بالقول إن “خفر السواحل مكلف بالمنطقة” وأنه يتخذ “الإجراءات” بحق المهاجرين “حتى يتم نقلهم إلى مركز تابع لوزارة الهجرة واللجوء لاستقبالهم وتحديد هوياتهم“.

وتعلو حدة النقاش السياسي داخل الجزيرة بين من ينتقد دول الاتحاد الأوروبي الأخرى ويتهمها بالتملص من المسؤولية تجاه أزمة الهجرة في الجزيرة، وهذا حال جورجيس ماريناكيس رئيس الحزب الديمقراطي الشعبي في كريت ورئيس بلدية ريثيمنو، على اعتبار أن “اليونان حارسة لأوروبا”، وبين من يرى أن تصاعد أعداد اللاجئين والمهاجرين في الجزيرة هو “نتيجة تصاعد التنافس الإمبريالي على مصادر الثروة والطاقة في البلاد، ونتيجة الحرب الإمبريالية في الشرق الأوسط وأوكرانيا، بتدخل مباشر من بلدنا” وهذا حال ديميتريس فريساليس المستشار الإقليمي لحزب “التجمع الشعبي” في كريت، والذي دعا إلى “تكثيف تضامن السكان في هيراكليون مع اللاجئين والمهاجرين” وطالب بتوفير “إقامة مؤقتة كريمة وآمنة تحت المسؤولية الحصرية للدولة“.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *